مفوضية بيروت

كشافة الرسالة الإسلامية “فاطميون رساليون”

كشافة الرسالة الإسلامية “فاطميون رساليون”

عبدالله ناصرالدين

منذ أن أطلق الإمام السيد موسى الصدر نداءه الشهير عام 1977، مؤسسًا «كشافة الرسالة الإسلامية»، وضع أمام هذا المشروع التربوي الإيماني هدفًا واضحًا: بناء الإنسان الرسالي، المؤمن بوطنه، الملتزم بعقيدته، المستعدّ للدفاع عن الأرض والكرامة. ومنذ ذلك التاريخ، تحوّلت كشافة الرسالة إلى مدرسة وطنية ومقاومة، تجمع بين التربية والقيادة، وبين الإيمان والفعل الميداني.

قاد الرئيس نبيه بري، رئيس حركة أمل والقائد العام لكشافة الرسالة الإسلامية ، مسيرة هذه الجمعية التي أصبحت أماً لمجموعة من الجمعيات، فكان الراعي والموجه، وحرص على أن تكون الكشافة ذراعًا تربويًا وشعبيًا للحركة، تُخرّج الأجيال وتؤسس لوعي جماعي ملتزم. ومع السنوات، تعاظم عدد المنتسبين للكشافة في كل المناطق، من بيروت إلى الجنوب، ومن البقاع إلى جبل عامل مروراً بجبل لبنان، حتى أصبحت أحد أكبر التنظيمات الكشفية في لبنان.

*المبادئ والرسالة*
في قلب رسالتها التربوية، تنطلق الجمعية من ثلاث ركائز سامية: الواجب تجاه الله، وتجاه الآخرين، وتجاه الذات. ففي الواجب تجاه الله، يتجلّى الإيمان التام والالتزام الروحي العميق، بما يعكس الولاء الصادق للعقيدة وقيمها. أما تجاه الآخرين، فهو ولاء للوطن، وسعي دائم لترسيخ مبادئ السلم والتفاهم والإصلاح ونشر الفضيلة في المجتمع. وفي ما يخصّ الذات، فالتركيز منصبّ على بناء شخصية متكاملة، تنمو فكرياً وروحياً وبدنياً، لتكون في خدمة الخير العام.
هكذا، تعمل الجمعية على إعداد جيلٍ مؤمن، ملتزم، نقيِّم، يبادر إلى العطاء، ويصنع التغيير في بيئته ووطنه. هذه المبادئ كانت حاضرة دائمًا في ساحات الواجب، حيث لعب أبناء الرسالة دورًا أساسيًا في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وكان العديد من قادة الكشافة شهداء على درب التحرير والدفاع عن الوطن.

*الحضور في الميدان والواجب الإنساني*
في كل حرب وعدوان، حضرت كشافة الرسالة لا بالشعارات بل بالأفعال. في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأخير، كان الدفاع المدني التابع لها في طليعة المستجيبين. عملت فرق الإسعاف والإنقاذ دون كلل، ونقلت الجرحى، وأخلت المناطق، وقدّمت الدعم اللوجستي والإنساني للأهالي، رغم القصف والاستهداف المباشر.

*نشاطات مستمرة واستعراضات مشرّفة*
تواصل كشافة الرسالة الإسلامية مسيرتها النابضة بالعطاء، ناشطة على مدار العام في مجالات التربية والثقافة والبيئة، مستلهمةً من فكر الإمام الصدر نهجها، ومن روح المقاومة معناها العميق. تنظم المخيمات الصيفية والدورات التدريبية والمسيرات الوطنية، وتزرع في نفوس الفتية والفتيات حب الوطن والانضباط والمعرفة.
وفي مشاهد باتت محفورة في الذاكرة، تجلّى حضورها من خلال التحدي الثقافي المركزي في فكر الإمام الصدر، والمناورة الكبرى في مدينة صور ضمن فعاليات مفوضية جبل عامل، وصولاً إلى الاستعراض الكشفي المهيب في شوارع الضاحية الجنوبية بتنظيم مفوضية بيروت، حيث احتشدت الآلاف من الزهرات والكشافة في لوحة مشرفة من الالتزام والانتماء والتنظيم الدقيق.
المثير في هذا المشهد، أنه لم يكن مدعوماً إلا بجهود فردية وتبرعات رمزية من الأهالي والقادة، ما يدل على عمق الانتماء وروح التطوع التي تميّز أبناء هذه المدرسة التربوية.
فـكشافة الرسالة الإسلامية ليست مجرد حركة كشفية تقليدية، بل هي مشروع نهضوي مقاوم، يربي الأجيال على الإيمان والكرامة، ويحرس الوطن بهدوء المربي وصلابة المجاهد، دفاعًا عن لبنان الوطن النهائي لجميع أبناءه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى